سورة الحجر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


قوله تعالى: {وجاء أهلُ المدينة} وهم قوم لوط، واسمها سَدُوم، {يستبشرون} بأضياف لوط، طمعاً في ركوب الفاحشة، فقال لهم لوط: {إِن هؤلاء ضيفي فلا تفضحونِ} أي: بقصدكم إِياهم بالسوء، يقال: فضَحَه يفضَحُه: إِذا أبان من أمره ما يلزمه به العار، وقد أثبت يعقوب ياء {تفضحون} و{لا تُخزون} في الوصل والوقف.
قوله تعالى: {أوَلم ننهك عن العالَمين} أي: عن ضيافة العالَمين.
قوله تعالى: {بناتي إِن كنتم} حرك ياء {بناتيَ} نافع، وأبو جعفر.


قوله تعالى: {لعمرك} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: وحياتك يا محمد، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس.
والثاني: لَعَيْشُك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الأخفش، وهو يرجع إِلى معنى الأول.
والثالث: أن معناه: وحقّك على أمتك، تقول العرب: لَعَمْرُ الله لا أقوم، يعنون: وحَق الله، ذكره ابن الأنباري. قال: وفي العَمْرِ ثلاث لغات. عَمْرٌ وعُمْرٌ وعُمُرٌ، وهو عند العرب: البقاء. وحكى الزجاج أن الخليل وسيبويه وجميع أهل اللغة قالوا: العَمْرُ والعُمْرُ في معنى واحد، فإذا استُعمل في القسَم، فُتح لا غير، وإِنما آثروا الفتح في القسَم، لأن الفتح أخف عليهم، وهم يؤكدون القسَم ب لعَمري و{لعَمّرك}، فلما كثر استعمالهم إِياه، لزموا الأخف عليهم، قال: وقال النحويون: ارتفع {لَعمرُكَ} بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى: لعَمْرك قَسَمي، ولعَمْرك ما أُقسِمُ به، وحُذف الخبر، لأن في الكلام دليلاً عليه. المعنى: أُقسِم {إِنهم لفي سكرتهم يعمهون}.
وفي المراد بهذه السكرة قولان:
أحدهما: أنها بمعنى الضلالة، قاله قتادة.
والثاني: بمعنى الغفلة، قاله الأعمش. وقد شرحنا معنى العَمَه في سورة [البقرة: 15]. وفي المشار إِليهم بهذا قولان. أحدهما: أنهم قوم لوط، قاله الأكثرون. والثاني: قوم نبينا صلى الله عليه وسلم، قاله عطاء.
قوله تعالى: {فأخذتهم الصيحة} يعني: صيحة العذاب، وهي صيحة جبريل عليه السلام. {مُشرقين} قال الزجاج: يقال: أشرقنا، فنحن مُشرقون: إِذا صادفوا شروق الشمس، وهو طلوعها، كما يقال: أصبحنا: إِذا صادفوا الصبح، يقال: شَرَقت الشمس: إِذا طلعت، وأشرقت: إِذا أضاءت وصَفَت، هذا أكثر اللغة. وقد قيل: شَرَقت وأشرقت في معنى واحد، إِلا أن {مُشرقين} في معنى مصادِفين لطلوع الشمس.
قوله تعالى: {فجعلنا عاليها سافلها} قد فسرنا الآية في سورة [هود: 82].
وفي المتوسِّمين أربعة أقوال:
أحدها: أنهم المتفرِّسُون، روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا فِراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» ثم قرأ {إِن في ذلك لآيات للمتوسِّمين} قال: المتفرِّسين، وبهذا قال مجاهد، وابن قتيبة. قال ابن قتيبة: يقال: توسَّمتُ في فلان الخير، أي: تبيَّنتُه. وقال الزجاج: المتوسمون، في اللغة: النُّظَّار المتثبِّتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سِمة الشيء، يقال: توسمت في فلان كذا، أي: عرفت وسم ذلك فيه. وقال غيره: المتوسم: الناظر في السِّمَة الدالة على الشيء. والثاني: المعتبرون، قاله قتادة. والثالث: الناظرون، قاله الضحاك. والرابع: المتفكرون، قاله ابن زيد، والفراء.
قوله تعالى: {وإِنها} يعني: قرية قوم لوط {لبسبيل مقيم} فيه قولان:
أحدهما: لَبِطريق واضح، رواه نهشل عن الضحاك عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والزجاج. وقال ابن زيد: لبِطَريق متبيَّن.
والثاني: لبهلاك. رواه أبو رَوْق عن الضحاك عن ابن عباس، والمعنى: إِنها بحال هلاكها لم تُعْمَر حتى الآن، فالاعتبار بها ممكن، وهي على طريق قريش إِذا سافروا إِلى الشام.


قوله تعالى: {وإِن كان أصحاب الأيكة الظالمين} قال الزجاج: معنى {إِنْ} واللام: التوكيدُ، والأيك: الشجر الملتف، فالفصل بين واحده وجمعه، الهاء. فالمعنى: أصحاب الشجرة. قال المفسرون: هم قوم شعيب، كان مكانُهم ذا شجر، فكذَّبوا شعيباً فأُهلكوا بالحرِّ كما بيَّنا في سورة [هود: 87].
قوله تعالى: {وإِنهما} في المكنى عنهما قولان. أحدهما: أنهما الأيكة ومدينة قوم لوط، قاله الأكثرون. والثاني: لوط وشعيب، ذكره ابن الأنباري.
وفي قوله: {لبإمام مبين} قولان:
أحدهما: لبطريق ظاهر، قاله ابن عباس. قال ابن قتيبة: وقيل للطريق: إِمام، لأن المسافر يأتمُّ به حتى يصير إِلى الموضع الذي يريده.
والثاني: لفي كتاب مستبين، قاله السدي. قال ابن الأنباري: {وإِنهما} يعني: لوطاً وشعيباً بطريق من الحق يؤتم به.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10